لمناسبة اليوم العالمي للّغة الأمّ، أقامت مؤسّسة الفكر العربيّ بالتعاون مع مكتب اليونسكو الإقليمي المتعدّد القطاعات للدول العربيّة في بيروت، ندوةً في إطار فعاليّة إطلاق كتاب “أفق” السابع الذي حمل عنوان “كيف يتعلّم أبناؤنا العربيّةَ في المَهاجِر؟ تجارب وتطلّعات،” وذلك يوم الأربعاء 21 شباط/فبراير 2024، في مكتب اليونسكو في بيروت.
عرض الكتاب الذي شارك في تأليفه عددٌ من الخبراء والتربويّين العرب والأجانب واقعَ تعليم لغة الضادّ لأبناء المهاجرين عبر مجموعةٍ من الممارسات والتجارب في أوروبا وأفريقيا وأستراليا وكندا والولايات المتّحدة الأميركيّة، وعيّن الصعوبات والتحديات التي يُواجهها القائمون بعمليّة التعليم، وأضاء على النتائج التي يحقّقونها، كما قدّم عددًا من التوصيات والاقتراحات الهادفة إلى الارتقاء بمستوى تعليم العربيّة وتعلّمها في المَهاجر.
وخلال الندوة التي أدارها أ. د. نادر سراج، ألقى الأستاذ فادي يرق، مستشار أوّل للتربية في الدول العربيّة لدى اليونسكو كلمةً افتتاحيّةً، اعتبر فيها أنّ تعليم اللغة العربيّة في المهاجر يُشكّل ركيزة مهمّة وتحدّياً جدّياً في محاولات ربط المغتربين بأوطانهم الأمّ.كما نوّه بالمبادرات الرائدة التي تُطلقها مؤسّسة الفكر العربيّ في سبيل تعزير اللغة العربيّة وصَوْنِها.
بدوره، اعتبر المدير العامّ لمؤسّسة الفكر العربيّ البروفسور هنري العَويط خلال كلمته أنّ التجارب التي يعرضها الكتاب بشأن تعليم العربيّة في المَهاجِر تُقدّم “نماذجَ منوّعة وممثِّلَةً ودالّة. وبفضلِ ما توفّرُه مباحثه من معلوماتٍ وإحصاءاتٍ واستبياناتٍ ومراجع، ومن تحليلٍ لهذه المعطيات، فإنّها تُحيط بمختلف جوانب عمليّة التعليم والتعلّم هذه”. وأضاف “سيتبيّن لقارئِ هذا الكتاب أنّ مِلفّ تعليم العربيّة لأبناء المهاجرين لا يقتصر على الجوانب التِقنيّة التي تتداخل فيها العناصر الألسنيّة والتربويّة والنفسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، وأنّه لا يُقارِب اللغة من خلال وظيفتها التواصليّة فقط، بل تحضُر فيه أيضاً، وبقوّة، إشكاليّات الهُويّة والانتماء، والأبعاد الدينيّة والثقافيّة والسياسيّة، وأفخاخ الإيديولوجيا والتعصّب والانغلاق، ورهانات الانفتاح والتثاقف والاندماج. “
مدير الندوة، أ.د. نادر سراج، بيّن أهمّية اللغة العربيّة كنظام معرفيّ متكامل داعياً إلى تبنّي الرقمنة في تعلّم اللغة العربيّة فهي ” ليست غريمةَ النشر الورقي، والكتاب الإلكتروني مكّنَها من الحضور في عالمنا الافتراضيّ. لذا لا بدّ من العمل لتعزيز وجودها على الشبكة، أسوة باللغات الحيّة الأُخرى”، كما شجّع على التفكير في دور اللغة العربيّة كأداة للتواصل والتمثيل الثقافيّ، وإلى ضرورة تطوير استراتيجيّات تعليميّة حديثة لتعزيز تعلُّمِها في بيئات المهاجرين.
أمّا د. طارق بوعتّور، فتناول معوّقات تعلّم وتعليم العربيّة وتطرّق إلى سبل تخطّيها، فشدّد على ضرورة تشخيص واقع التعليم ووضع أطر مرجعيّة مُشتركة تعتمد على التوافق بين حاجات الطُلّاب وأهداف الأولياء وواقع الاندماج، كما وصياغة مناهج خاصّة وحديثة بعيدة عن المواد التعليميّة العامّة تعتمدُ على الأساليب التعليميّة المحفّزة وعلى التكنولوجيا. كما أكّد على ضرورة تأهيل المدرّسين، وتأمين الموارد الماليّة اللازمة لتطوير التعليم، وشجّع على تعزيز دور الهيئات الدوليّة والمنظّمات الإقليميّة في رعاية هذه العمليّة.
د. زهيدة دريوش، وفي مداخلتها، أشارت إلى أنّ الكتاب الذي أصدرته مؤسّسة الفكر العربيّ يسمح باستخلاص السمات العامة المشتركة التي يتميّز بها تعليم وتعلّم اللغة العربيّة في بلدان المهجر. يشمل ذلك تنوّع متعلّمي العربيّة من حيث العمر واللغة المتداولة داخل الأسرة وأوضاعها الاجتماعيّة، وانتمائها الدينيّ، ومستواها الثقافيّ. بالإضافة إلى تنوّع دوافع التعلّم، وتفاوت المكانة المعطاة لتعليم العربيّة في السياسات الرسميّة الأجنبيّة، فضلاً عن نقص المعلّمين ذوي الخبرة والكفاءة، وربّما فوضى المواد التعليميّة المُعتمدة. ودعت إلى وجوب التوقّف عند ازدواجيّة الفصحى والعاميّة، حيث يمكن أن تكون هذه الازدواجيّة مساعدة أو عائقًا لعمليّة التعلّم والتعليم.
حول اليونسكو
اليونسكو هي منظّمة الأمم المتّحدة للتربية والعلم والثقافة. تسعى إلى بناء السلام من خلال التعاون الدولي في التعليم والعلوم والثقافة، وتساهم برامجها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المحدّدة في جدول أعمال 2030.
حول مؤسّسة الفكر العربي
مؤسّسة الفكر العربي هي مؤسّسة عربيّة دوليّة مستقلّة غير ربحيّة، ليس لها ارتباط بالأنظمة أو التوجّهات الحزبيّة أو بالطائفيّة، وهي مبادرة تضامنيّة بين الفكر والمال لتنمية الاعتزاز بثوابت الأمّة ومبادئها وقيمها وأخلاقها بنهج الحريّة المسؤولة، وهي تُعنى بمختلف مجالات المعرفة وتسعى لتوحيد الجهود الفكريّة والثقافيّة والتربويّة وتضامن الأمّة والنهوض بها والحفاظ على هويّتها.