الفيسبوك وأزمة تمثال ديليسبس ببورسعيد

 

 

كتب محسن عشري

تمثال دليسيبس اثار جدل واسع فى أوساط الشارع البورسعيدي ، تم ازالتة من قاعدتة بالمدخل الشمالي لقناه السويس بمحافظة بورسعيد وذلك بعد العدوان الثلاثي على مصر ،كرمز لإسقاط الاستعمار وتم وضعة بمخازن ترسانةالهيئة بمدينة بورفؤاد
وقامت الجهة صاحب الحق والولاية والقرار وهى هيئة قناة السويس
بنقل الي محافظة الاسماعيلية
لوضعه بمتحف يحكي قصةو تاريخ قناة السويس ،فيما طالب البعض لعودتة لتنشيط السياحة بينما ظل الكثير رافضين لفكرة عودتة لمكانة لأنها اهانة للكرامة الوطنية والحرية.

وهو الأمر الذي دفع الباحثة امال السيد محمد عسران ،الى عمل رسالة ماجستير عن ديليسبس ووسائل التواصل الاجتماعي ، تحلل فيها محتوى صفحات بعض المؤثرين ومواقفهم من إعادة تمثال ديليسبس لمدخل القناة ببورسعيد وكيف غير الفيس المواقف الرسمية وغير الرسمية ومواقف الصفوة وقادة الرأي .
كيف حول الفيس موضوع ديليسبس إلى قضية قومية
هذه الرسالة التي وثقت تغيرات الرأي العام تجاه ديليسبس وتمثاله ورؤى القوى الفاعلة في الرأي العام البورسعيدي .

قالت امال السيد محمد عسران ،إن
الرسالة تخصص إعلام ولها شق تاريخي ، ترصد الخطاب على فيسبوك أثناء الأزمات خطاب مستخدمي الموقع العاديين ودور هذا الخطاب في تشكيل الرأي للعام من خلال تحليل المنشورات والتعليقات معا وذلك باستخدام منهج دراسة الحالة والحالة المختارة للدراسة هى أزمة تمثال دليسيبس .

واوضحت آمال عسران أن عنوان الدراسة خطاب مستخدمي فيسبوك أثناء الأزمات ودوره في تشكيل الرأي العام_ دراسة حالة على أزمة تمثال دليسيبس والدراسة بينية تجمع بين دراستها للإعلام وبين اهتمامها بالتاريخ وبشكل خاص تاريخ بورسعيد المرتبط بطبيعة الحال بتاريخ قناة السويس والذي هو جزء من تاريخ مصر صعودا وهبوطا.واهتمامها بأزمة تمثال دليسيبس وموقفها من مسألة إعادة التمثال.. والحقيقة التفاعل مع تداعيات الأزمة في المرحلة الأخيرة من ٢٠١٩:٢٠٢٠ نهاية بقرار نقل التمثال
أثار شغفها لدراسة وقراءة المزيد حول تاريخ دليسيبس وما يمثله ،موضحة أن مزيد من القراءة في هذا الموضوع يجلب مزيدا من الأسى لسببين أولهما المعلومات عن ملابسات وجود الرجل في مصر ودوره في تاريخها. والثاني غياب تلك المعلومات عن الكثير مما جعل البعض يدافع عن الرجل ويمجده ويطالب بإعادة تمثاله …
واشارت آمال عسران إلى إنة على ال من أن عندها موقف معروف ومعلن وشرس ضد إعادة التمثال ؟ الإجابة طبعا وبلا شك هو الرفض ،لكن الدراسة الأكاديمية لا تخضع لرأى أو لهوى شخصي .

واضافت آمال عسران أن الدراسة تناولت خطاب مستخدمي فيسبوك على صفحاتهم الشخصية من خلال عينة تخضع لمعايير محددة وتمثلت في أربع صفحات ومن خلال الصفحات تم تحليل ١٦٦منشور ٤٨٣٧ تعليق تحليلا كميا وكيفيا للوقوف على دور خطاب المنشورات والتعليقات في التعبير وبناء وتشكيل الرأي العام واستخدمت الدراسة أكثر من منهج منها المنهج المقارن للوقوف على الفارق بين الخطاب المؤيد والمعارض والتحليل جاء على ثلاث مستويات الأول مستوى المنشورات والثاني تعليقات الجمهور إلى منتج الخطاب والثالث تعليقات الجمهور إلى الجمهور..
فيما يخص نظرية المجال العام، تشير النتائج إلى أن خطاب الصفحات الأربع ينتمي إلى المجال العام المعارض، الذي يتسم بالاختلاف والصراع والمواجهة، وأن ميزة الإتاحة والمساواة في المجال العام أدت إلى تداول الآراء. وحرص منتجو الخطاب على متابعة الرأي الآخر، ومع ذلك لم تحدث نقاشات مباشرة بين المعارضين والمؤيدين إلا في حدود ضيقة على مستوى التعليقات، فقد آثر الفريقان التحزب على الصفحات الخاصة بهم والنقاش عليها، ولم يؤد ذلك إلى تطور خطاب نقدي مباشر وإن فعلها بطريق غير مباشر. ولم ينجح في تحقيق توافق أو إجماع حول رأي معين كما افترض هابرماس في نظريته، فالاختلافات كانت عميقة، وتم استخدام المجال العام لإعلان المواقف بشكل أكبر من مناقشتها.
-تعددت مصادر خطاب الأزمة وكانت المصادر الذاتية أبرزها، فالأزمة وإن كانت تاريخية في الأساس ولكنها تمثل خلافا في زاوية الرؤية ومن ثم الرأي، ولهذا جاء الخطاب يحمل تحليلا ويسرد تجاربا شخصية ويستعرض وجهات النظر، فذاتية الرؤية مثلت المصدر الأبرز للخطاب.
-كشفت النتائج عن طبيعة استخدام اللغة في خطاب الأزمة، فجاءت الفصحى البسيطة في المرتبة الأولى، وهو ما يؤكد صلاحية الفصحى للاستخدام على فيسبوك، ويدفع لضرورة نشر الوعي اللغوي بما يحفظ للعربية قوتها واستمرارها.
-كشف خطاب الأزمة عن تنوع الأطروحات التي لجأ إليها منتجو الخطاب، على أن تلك الأطروحات لم تتقاطع مرة واحدة فقد كان لحل فريق أطروحاته. وغلب على الخطاب المعارض استخدام آليات عقلانية فقد اهتمت صفحتا المعارضة بتأصيل الأزمة والكشف عن الأسباب التاريخية لتبني التوجه المعارض وساقت الحجج، بينما رجحت كفة الآليات العاطفية على الصفحتين المؤيدة بإثارة مشاعر النوستالجيا نحو الماضي أو إثارة طموحات مادية في المستقبل.
-ظهرت الأيديولوجية بجلاء في خطاب أزمة تمثال دليسيبس وحددت بوضوح اتجاه المعارضة والتأييد، فضمت المعارضة الناصريين والقوميين بأطيافهم، بينما ضم الاتجاه المؤيد فئات لها عداء تاريخي مع عبد الناصر وثورة يوليو وفئات لها علاقات مميزة بالسلطة التنفيذية من خلال عمل اجتماعي أو نقابي أو إعلامي، في حين غاب عن حوار الأزمة اليمين الإسلامي فلم يلحظ أي تناول لمسألة إعادة التمثال من وجهة نظر دينية رغم أن المسألة محل خلاف.
-استدعى الجدل في الأزمة قضايا أخرى تخص طبيعة العلاقات مع فرنسا، فأثار الخطاب المعارض الاستياء من تمثال في مدخل جامعة السوربون لشامبليون يدوس بحذائه على رأس فرعون مصري، كما أثير تساؤل حول عدم إطلاق اسم جمال عبد الناصر أو طه حسين على أحد شوارع باريس مثلما فعلنا مع ديجول، كما أثار الخطاب جدل حول احترام فرنسا للدين الإسلامي وتكرار حوادث حرق المصحف والإساءة إلى الرسول. في حين تداول المؤيدون أفكارا حول تحسن العلاقات الديبلوماسية مع فرنسا واعتماد مصر عليها في شراء السلاح، وروجوا لتنشيط السياحة الفرنسية حال إعادة التمثال. واستدعى الخطاب مواقف من التاريخ للخيانة مثل خنفس باشا الذي خان عرابي فأفسح الطرق لمرور الإنجليز إلى القاهرة وأنار لهم الطرق، وهو ما يشير إلى ذاكرة المصريين الوطنية التي لا تنسى من أساء إليها فتلاحقه بالعار حيا وميتا.
-مثل خطاب الأزمة مزيدا من التأكيد على فاعلية وسائل التواصل الاجتماعي في تداول المعلومات والأفكار وربط الجماعة الإنسانية، فقد جعلت الشعوب ترى بعضها وتقارن بين أوضاعها، فأزمة تمثال دليسيبس في مدينة صغيرة بأفريقيا جرى مقارنتها بأحداث إسقاط التماثيل في العواصم الغربية بعد مقتل جورج فلويد وما أثاره من سخط وموجة لإزالة تماثيل لمشاهير وزعماء لهم علاقة بأوضاع إنسانية بائسة في أوروبا وأمريكا.
-كشفت النتائج إلى أن الحرية التي أتاحها المجال العام للتعبير عن الرأي دون قيد قد صاحبها انحرافات، تمثلت في خطاب المغالطة في المنشورات وعدم اللياقة في التعليقات.

وتوصلت الدراسة إلى عدة توصيات اهمها ، حث كليات الإعلام وأقسامها على تناول خطاب الأزمة على السوشيال ميديا ضمن مقرراتها لتخريج كوادر إعلامية مدربة للتعامل مع الأزمات بطريقة صحيحة ،وتوجيه نظر الجهات الحكومية الإعلامية لخطاب مستخدمي فيسبوك حيث يتضمن معلومات وأفكار وأخبار يصعب الحصول عليها إلا بكثير من الجهد والوقت والتكلفة .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *