نقدم لكم قراءنا الأعزاء في هذا الموضوع عرض لنظريات تُعيد تشكيل الوعي الجماهيري للسياحة والمقصد السياحي بلغة المشاعر.
لم يعد التسويق السياحي الحديث مجرد وسيلة للترويج أو الإقناع، بل أصبح علمًا إنسانيًا متكامل الأبعاد، يتقاطع فيه علم النفس مع علم البيانات، ويحتضن الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا بوصفها أدوات لفهم أعمق للسلوك البشري والديناميكيات الاجتماعية.
في عصر الإدراك، لا تكفي المعلومات ولا تكفي العروض؛ بل المطلوب هو الارتباط، التأثير، وإحداث صدى في الوجدان قبل اتخاذ القرار.
إنه زمن تُخاطب فيه العلامات التجارية الأرواح، وتُروى فيه القصص لا الإعلانات.
في هذا السياق، سوف استعرض هنا في هذه المقاله ٥ من أحدث نظريات التسويق الحديث التي تُعيد رسم علاقة الإنسان بالعلامة التجارية، وتفتح آفاقًا جديدة أمام الترويج للمقاصد السياحية الدولية بلغه جديده:
١. نظرية التسويق القيمي (Value-Based Marketing)
لم يعد المستهلك يسأل “كم السعر؟” بل “ما القيمة؟”، “ما الرسالة؟”، “هل تشبهني هذه العلامة؟”
تُبنى هذه النظرية على أن العلامات التجارية القوية هي تلك التي تتبنى قضايا أخلاقية واجتماعية وإنسانية بوضوح، فتخلق انتماءً وجدانيًا يدفع المستهلك للارتباط العاطفي بها.
في السياحة، يعني ذلك أن الوجهات التي تروّج لاستدامة البيئة أو حفظ التراث الثقافي تصبح أكثر جاذبية لدى المسافر الواعي.
٢. نظرية التسويق السياقي (Contextual Marketing)
إنها نظرية اللحظة الذهبية: تقديم الرسالة الصحيحة في التوقيت والمكان والسياق المناسب.
تُدار حملاتها عبر خوارزميات تفهم أنماط السلوك اللحظي، لتخلق تجربة مخصصة لكل فرد، فتُخاطبه بلغته واحتياجه ورغبته اللحظية.
وفي السياحة، يعني ذلك أن تصل دعوة السفر حين يشعر المستهلك بالإنهاك، وتعرض عليه مغامرة حين يبحث عن هروب.
أبعد من الديموغرافيا، تغوص هذه النظرية في الأعماق: في الدوافع، والقيم، ونقاط الألم واللذة.
تُصمم الرسائل التسويقية وفقًا لنمط التفكير والاحتياج العاطفي، مما يجعلها أكثر صدقًا، ووقعًا، وتأثيرًا.
فبدلًا من مخاطبة “سائح في عمر الثلاثين”، نخاطب “عاشق للاكتشاف يخشى الروتين ويبحث عن تجربة توقظ الحواس”.
٤. التسويق المبني على المجتمع (Community-Led Growth)
هنا يتراجع دور المُسوّق ليصعد صوت الجمهور ويعلو عليه!
حيث ان العلامة التجارية لا تُبنى بالإعلانات فقط، بل بالمجتمعات التي تؤمن بها وتدافع عنها وتشارك قصصها.
وفي السياحة الدوليه ، يظهر هذا بوضوح من خلال المحتوى الذي يصنعه المسافرون أنفسهم، حيث تتحوّل الوجهة إلى تجربة اجتماعية حقيقية، ينقلها الناس بلغتهم وتفاصيلهم، لا بلغة الشركة.