واحد وخمسون عامـــًا وما زال نصر أكتوبر فى الميزان العسكري

أحمد جميل، يكتب:

فى الوقت الراهن يمارس الكيان الصهيوني كل أشكال البلطجة السياسية والعسكرية فى الشرق الأوسط متجاهلا الضمير الإنساني العالمي بدعوى تحيق الأمن الإسرائيلي من كل ما يهدد أمن الكيان ، فالحرب دائرة منذ عام على غزة وأهلها ثم العدوان على لبنان والهجمات المتكررة على سوريا ومحاولات التحرش العسكري بالأردن ، لأنه يعلم تمام العلم أنهم ليس لديهم الرادع الكافي لقذارته العدوانية .
فقد استخدم صنوف البلطجة مع دول الجوار إلاّ مصر ، لا حبا فى مصر وإنما جبنا من مصر حيث تعلم الدرس وبقوة منذ واحد وخمسين عاما ، فهو يعلم علم اليقين مدى حجمه ومدى حجمنا ولو علم فينا ضعفا ما استكان ، وإن عدتم عدنا ، فتهل علينا هذا العام الذكرى الحادية والخمسون لنصر أكتوبر والشرق الأوسط بأكمله على فوهة البركان ، ودعونا نتأمل سويــًا ونقوم بوضع هذا الانتصار فى موازين المنطق العقلي البشري ، فلاشك أنه مذهل بكل المقاييس العقلية ، فقد أوجد الجندي المصري الطرف المستحيل فى المعادلة العسكرية المعقدة ، وأورد فكرًا جديدًا لإستراتيجية التفكير والتخطيط العسكري منذ الحرب العالمية الثانية .
فالجيش المصري خرق كل الإستراتيجيات العسكرية المعهودة ، سواء إذا كان من ناحية التخطيط أو التدريب أو تنفيذ العمليات على أرض المعركة ، فمنذ حدوث النكسة المشئومة فى 1967 وبدايات حرب استنزاف القوى التى خططت لها القيادات السياسية والعسكرية فى مصر آنذاك ، والظهور الغير متوقع لقوات وتخطيط ومعدات جيش كان من المتوقع فى معتقد الجانب الإسرائيلي أنه من الصعب ، بل من المستحيل أن يعود إلى أرض المعارك إلّا بعد عقود ، فإذا بالعدو الإسرائيلي يتفاجأ ، بل العالم كله يتفاجأ بعمليات عسكرية مذهلة تُنفذ على أرض سيناء ، وقد قال المؤخرون العسكريون الإسرائيليون ومنهم الكاتب الإسرائيلي “يهودا أطلس” فى مذكراته أعقاب بدايات حرب الاستنزاف: “إن مصر تملك جيلا جديدًا من المحاربين ، ويجب التعامل معهم بحرص وجدية من واقع هذه المطاردات” .
والحقيقة أن مصر لم تملك جيلا جديدا كما يدعى “يهودا أطلس” ، فالمقاتل المصري هو هو يقاتل بنفس العقيدة فى كل حقب التاريخ ، إلّا أننا يمكن أن نقول: “أن حدوث نكسة 67 جاء نتيجة خلل فى المنظومة الإستراتيجية للتخطيط العسكري ، نتجت عن التخبط فى القرارات لدى المسؤولين عن قيادة الجيش فى تلك المرحلة” ،والدليل على ذلك ما حدث من عمليات عسكرية فى مرحلة الاستنزاف بدايتها كانت إغراق المدمرة “إيلات” – والتى كانت تعد زخر البحرية الإسرائيلية وأكبر القطع البحرية فى الأسطول الإسرائيلي – فقد أغرقت قواتنا البحرية المصرية المدمرة “إيلات” التى تشكل نصف قوة المدمرات فى البحرية الإسرائيلية وعلى متنها طاقمها الذين يزيدون عن مائة فرد ، فضلا عن دفعة من طلبة الكلية البحرية الإسرائيلية كانت على ظهرها فى رحلة تدريبية ، وقد تم إغراقها فى 21 أكتوبر 1967 ، أى بعد أربعة أشهر فقط من حدوث النكسة!!! ، هذا فضلا عن العمليات البطولية العسكرية التى نفذتها القوات المسلحة المصرية طوال فترات حرب الاستنزاف سواء على طوال خط المواجهة أو داخل عمق سيناء أو ملاحقة العدو خارجيا مثل عملية إغراق الحفار الإسرائيلي بإفريقيا أو داخل إسرائيل نفسها ، ومنها بالطبع عملية تدمير ميناء إيلات العسكري .
فلو وضعنا نصر أكتوبر فى الميزان العسكري لوجدنا أن مصر – بفضل الله تعالى – حققت المعجزة ، فالفارق كان جليًا بين تسليح جيشين “الجيش المصري والعدو الإسرائيلي” ، وهنا يحضرنى القول الرائع للرئيس السادات:
“إن القوات المسلحة المصرية قامت بمعجزة على أى مقياس عسكري” .
وكلامي هنا للكيان المحتل: من عاد من شبه الموت فى وقت حالك الظلام بكل تلك القوة قادر على فعل المستحيلات – بإذن الله تعالى- من جديد ، وقد قالها الرئيس عبدالفتاح السيسي “اللى عاوز يجرب يقرب” …
حفظ الله مصر وجيشها من كل مكروه ، وكل عام ومصر وشعبها وجيشها وقياداتها بكل الخير .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *